بيداغوجية المقاربةبالكفاءات في الممارسة التعليمية
مقدمة
هدف إصلاحات الأنظمة التعليمية إلى تحديث مقاصد و غايات التعلم لجعلها أكثر انسجاما مع حاجات الفرد و المجتمع , كما تهدف إلى تحقيق أهداف مجددة للتكوين و تعليم الأجيال المتمدرسة و تثقيفهم بشكل أنجع , و مع التطورات الحديثة التي عرفها هذا القرن و التطور الذي عرفته المناهج و البرامج و الوسائل التعليمية و التي تتماشى و التغيرات السريعة في مجال المعرفة كان من الواجب تحديث المناهج التعليمية بحيث تأخذ بعين الاعتبار القدرة على تحويل المعارف و تجسيدها في خدمة ونفع الفرد والمجتمع بحيث تنمي الكفاءات و تسمح له بالاندماج و التلاؤم مع الواقع الاجتماعي بمختلف مجالاته , و لهذا تعد المقاربة بالكفاءات من جملة ما استحدث في المجال التعليم.
1- مفاهيم :
كلمة بيداغوجية، كلمة ذات أصل يوناني تتكون من مقطعين هما: Peda وتعني الطفل، و Gogie وتعني علم، أي علم وفن تربية الطفل.
وعند جمع المقطعين Pédagogie و يصبح المعنى الكامل للمصطلح هو علم تربية الطفل.
أما كلمة مقاربة، الذي يقابله المصطلح اللاتيني Approche، فإن معناه، هو الاقتراب من الحقيقة المطلقة وليس الوصول إليها، لأن المطلق أو النهائي يكون غير محدد في المكان والزمان.كما أنها من جهة أخرى خطة عمل أو استراتيجية لتحقيق هدف ما.
وفيما يخص مصطلح الكفاءة الذي يقابله في اللغة الأجنبية La Compétence، فالمقصود به هو مجموع المعارف، والقدرات والمهارات المدمجة، ذات وضعية دالة، والتي تسمح بإنجاز مهمة أو مجموعة منه.
و بالرجوع إلى اللغة العربية فهي مصدر من كفأ أو كفى" كفأ, يكفأ " "كفى ,يكفي" يقصد به الحالة التي يكون بها الشيء مساويا لشيء أخر و هي القدرة على العمل وحسن تصريفه و هي القدرة على الأداء و الانجاز الكفء القادر و القوي على العمل و حسن الأداء
الكفاءة مفهوم عام يشمل القـدرة على استعمال المهارات والمعارف الشخصية في وضعيات جديـدة، داخل إطار حقله المهـني ،كما تحـوي أيضا تنظيـم العمـل وتخطيطـه، وكـذا الابتكار والقـدرة على التكيف مع النشاطات الغير عادية.
حسب لوي دينو )مجموعة من التصرفات الاجتماعية-الوجدانية ، ومن المهارات المعرفية والحس-حركية ، التي تمكن من ممارسة دور ، وظيفة ، نشاط ، مهمة أو عمل معقد على أكمل وجه
إن مفهوم الكفاءة معقد جدا حيث نجد أكثر من مائة تعريف لها يرجع سبب هذا الغموض الى السياق الذي تستعمل فيه حيث أن أغلب التعريفات تتفق على أن، العناصر الاساسية التي تحدد الكفاءة هي :
1 / على الكفاءة أن تدمج عدة مهارات .
2 / تترجم الكفاءة بتحقيق نشاط قابل للملاحظة .
3 / تطبق الكفاءة في سياقات مختلفة سواء كان السياق شخصيا أو اجتماعيا أو مهنيا
و الكفاءة مفهوم شامل للاستعداد و القدرة و المهارة على تصريف العمل باستعمال المهارات و المعارف في وضعيات جديدة ضمن حقل مهني معين
فالكفاءة تعني التنظيم , التخطيط للعمل , تعني التجديد ,التحول ,التطور, والقدرة على التكيف الايجابي مع نشاطات مستجدة .
فالكفاءة مفهوم أكثر شمولية , إذا مقارناه بمفهوم القدرة أو المهارة أو الاستعداد
لان هذه المفاهيم الأخيرة وسائل لتحقيق الكفاءة, فمفهوم الكفاءة يعني نهاية الغاية وتكون قابلة لتقويم.
2- - ابستمولوجية مفهوم الكفاءة
لقد ظهر مفهوم الكفاءة في نهاية القرن 19 عشر في مجال الشغل , وتبلور في مطلع القرن 20 عندما استعمل في مجال التكوين المهني , حيث ارتبط استعماله بالكفاءة المهنية, حيث جاء التعريف على على النحو التالي :" الكفاءة المهنية هي قدرة الشخص على استعمال مكتسباته من معارف و خبرات و تجارب , منأجل شغل مهنة أو وظيفة أو عمل جاد, حسب شروط محددة و معترف بها في عالم المهن و الحرف والصنع ".
كما أنه صار مرتبط بالتدريبات العسكرية و المناورات القتالية في الهجوم وفي الدفاع , برا و بحرا و جوا , ثم طورو وظف أخيرا في ميدان التربية و التعليم و التكوين , اذ أصبح مرتبطا ببناء المناهج التعليمية و هو ماأصبح معروفا في الأوساط التربوية " المقاربة بالكفاءات ".
3-مستجدات المنهاج:
أ- من مفهوم البرنامج إلى مفهوم المنهاج:
إن تطبيق بيداغوجية المقاربة بالكفاءات، يستلزم التخلي عن مفهوم البرنامج، والانتقال إلى مفهوم المنهاج؛ إذ الأول عبارة عن مجموعة المعلومات والمعارف التي يجب تلقينها للطفل خلال مدة معينة، في حين أنّ الثاني يشمل كل العمليات التكوينية التي يساهم فيها التلميذ، تحت إشراف ومسؤولية المدرسة، خلال مدة التعليم، أي كل المؤثرات التي من شأنها إثراء تجربة المتعلم خلال فترة معينة و لعل دواعي اصلاح المنظومة التربوية في الجزائر ترجع الى :
- التحول الجذري في نظريات علوم التربية وممارساتها
- الانفجار المعرفي وبروز وسائل الاتصال الحديثة
- التدهور الملاحظ على مستوى التلاميذ بالنظر إلى الكفاءات الحقيقية التي يتخرجون بها من الدراسة .
- التعديلات الجزئية والتجارب السابقة التي لم تؤتي أكلها
- التحديات الراهنة في مختلف المجالات
- استفحال ظاهرتي التسرب والرسوب المدرسيين
- النتائج الضعيفة خاصة في مختلف الامتحانات الرسمية
- عدم الانسجام الأفقي والعمودي بين المواد والأطوار
- الاقتصار على التقويم ألتحصيلي شكليا لا بيداغوجيا
- سلبية التعلم بسبب هيمنة المعلم رغم تعدد مصادر المعرفة
- اعتبار المعرفة غاية في حد ذاتها
- كثافة البرامج التعليمية التي تحول دون تنفيذها
- اعتبار المؤسسة التربوية مجرد مكان لتلقي المعرفة
- عجز التلاميذ عن توظيف مكتسباتهم لحل مشكل او للتواصل مع الغير شفهيا
إن الكلام عن بيدغوجيا الكفاءات هو كلام عن بيداغوجيا حديثة النشأة , فهي تستهدف تحقيق كفاءات لدى المتعلمين كالتحليل و التركيب والتطبيق و التقويم.
فبيداغوجيا الكفاءات يسعى الى تمكين المتعلمين من القيام بانجازات تتميز بالجودة والإتقان, كلما أسندت لهم مهمة من المهام او دور من الأدوار , والجودة في الانجاز تعتبر في التعليم الكفائي مؤشرا من مؤشرات اكتساب الكفاءة , وليست الكفاءة ذاتها .
كما يمكننا توضيح الفرق بين تصور كل من بيداغوجيا التدريس الهادف وبيداغوجيا التدريس الكفائي للعملية التعليمية / التعلمية من خلال النقاط التالية:
أ/ بيداغوجيا الأهداف
التعلم:
- الربط بين المثير والاستجابة
- التركيز على تنمية السلوك
- التركيز على المتعلم وعلى محتويات الأهداف
- تسيير الدرس من طرف المدرس
- الانتقائية
- التضخم ألمفاهيمي
دور المدرس:
- المالك الفعلي للمعرفة
- يتدخل باستمرار
التقويم:
- الاهتمام بالنتيجة
- التقويم تشخيصي وتكويني وتحصيلي
المتعلم:
- سلبي لكنه منفعل
- له حوافز تتحكم فيها تدعيمات المحيط الخارجي
التعلم :
- الانطلاق من المعارف السابقة للمتعلم
- التركيز على تنمية القدرات والكفاءات
- التركيز على التعلم
- مساهمة المعلم في سير الدرس
- الشمولية
- الاختزال ألمفاهيمي
ب/ بيداغوجيا الكفاءات:
دور المدرس
- يعد وسيطا بين المعرفة
- يسهل عملية التعلم الذاتي وينسق
التقويم:
- تتبع السيرورة التعليمية منذ البداية إلى النهاية
- التقويم تشخيصي وتكويني وتحصيلي
المتعلم:
- يساهم في عملية البناء
- ايجابي وفاعل
- له حوافز مرتبطة بتصوره حول المشكلة أو النهمة وبقدراته الذاتية
4.مزايا المقاربة بالكفاءات
تساعد المقاربة بالكفاءات على تحقيق الأغراض الآتية :
أ- تبني الطرق البيداغوجية النشطة والإبتكار: من المعروف أن أحسن الطرائق البيداغوجية هي تلك التي تجعل المتعلم محور العملية "التعليمية-التعلمية" . والمقاربة بالكفاءات ليست معزولة عن ذلك، إذ أنها تعمل على إقحام التلميذ في أنشطة ذات معنى بالنسبة إليه، منها على سبيل المثال "إنجاز المشاريع وحل المشكلات" . ويتم ذلك إما بشكل فردي أوجماعي .
ب- تحفيز المتعلمين ( المتكونين ) على العمل: يترتب عن تبني الطرق البيداغوجية النشطة، تولد الدافع للعمل لدى المتعلم، فتخف أوتزول كثير من حالات عدم انضباط التلاميذ في القسم. ذلك لأن كل واحد منهم سوف يكلف بمهمة تناسب وتيرة عمله، وتتماشى وميوله واهتمامه .
ج- تنمية المهارات وإكساب الاتجاهات، الميول والسلوكات الجديدة : تعمل المقاربة بالكفاءات على تنمية قدرات المتعلم العقلية (المعرفية) ، العاطفية (الانفعالية) و"النفسية-الحركية"، وقد تتحقق منفردة أو متجمعة.
د- عدم إهمال المحتويات ( المضامين ): إن المقاربة بالكفاءات لا تعني استبعاد المضامين، وإنما سيكون إدراجها في إطار ما ينجزه المتعلم لتنمية كفاءاته، كما هو الحال أثناء إنجاز المشروع مثلا .
هـ اعتبارها معيارا للنجاح المدرسي: تعتبر المقاربة بالكفاءات أحسن دليل على أن الجهود المبذولة من أجل التكوين تؤتي ثمارها وذلك لأخذها الفروق الفردية بعين الإعتبار .
5-المدرس الكفء والمتمدرس الكفء
أ/ المدرس الكفء
_انه المدرس الذي لديه الرغبة و الدافع لممارسة مهنة التدريس .
_ انه المتحكم في المواد الدراسية التي يدرسها .
_ انه العارف ببيداغوجيا التعليم و التعلم , وويائلها خصوصا المقاربة بالكفاءاة .
_ انه المقتنع بأن التقييم و التقويم هو البوصلة التي تنير له مسار نشاطه صحة أو خطأ .
_ انه القادر على التصرف و التكيف مع قدرات المتمدرسين ,و المتمكن من تقييم نتائجهم بموضوعية و مصداقية .
_ انه الذي يعتبرأن كل تلميذ لديه فرؤقا عن الاخرين و أن يعرف كذلك عن طريق المقاربة بالكفاءات أن هناك فروقابين المتمدرسين في القدرات و الاستعدادات التي تظهر في مجالين
1 / القدرات العقلية : ( القدرة اللفظية , قدرة العد والحساب ,التفكير المنطقي ,التذكر,الحساب )
2 / القدرات الحركية: (قدرة الية ,تحريك بعض لأعضاء الجسم ,توافقعضلي عصبي,رد الفعل رد الفعل )
_ انه المدرس الذي يحدد السلوك المبدئي لتلميذ و يراعي السرعة الذاتية له أثناء التعلم .
_ انه العارف بطبيعة المادة و خصوصييتها .
_ انه المدرس الذي يسارع الى التزيز الفوري بعد كل تقييم مرحلي لعناصر الدرس .
_ انه ذلك المدرس الفنان الذي يبتكر الوسائل التعلمية التعليمية أو الذي يشغل الوسائط المتوفرة في المدرسة أو المحيط الاجتماعي .
_ انه المدرس إلي يدفع المتمدرسين للقيام ببعض البحوث و الانجازات من خلال توظيف الوسائل السمعية البصرية , الحاسوب _ الانترنت في إطار ما يسمى التعلم الذاتي .
إن منهجية بيداغوجية المقاربة بالكفاءات , تقتضي توفير الخلفية الأدبية لمدرسي المواد العلمية و الخلفية العلمية لمدرسي المواد الإنسانية و الاجتماعية .
ب/ التلميذ الكفء
_ انه التلميذ الذي له الرغبة في التعلم .
_ انه المتمدرس الذي يسعى الى تنمية قدراته و مهاراته و توضيف استعداداته .
_ انه المتمدرس الذي يريد أن يتعلم كيف يتعلم وفق قدراته تحت الاشراف النوعي لمدرسه .
_ انه المتمدرس الذي لايكتفي بفهم معنى المفاهيم بل ينبغي أن يتمكن من توظيف المعلومات و القدرات في وضعيات معينة و في أوقات مختلفة .
_ انه المتمدرس الذي يتمكن من حل وضعيات اشكالية في الحياة اليومية .
_ انه المتمدرس الذي يحب الاستقلالية و المبادرة الشخصية في عملية التعلم .
_ انه المتمدرس المدرك لدلالة و لاهداف الانشطة التى يقوم بها .
_ انه المتمدرس الذي يفكر في تعلمه نضريا و كيف يحوله الى معرفة علمية لها صلة بالحياة اليومية .
_ انه المتمدرس الذي يدرك بأن ماتعلمه يعود عليه بالنفع أولا و على مجتمعه ثانيا و بذلك يجد مكانا له في الحياة الاجتماعية ككل .
6. مبادئ المقاربة بالكفاءات
تقوم بيداغوجية المقاربة بالكفاءات على جملة من المبادئ نذكر منها :
*مبدأ البناء : أي استرجاع التلميذ لمعلوماته السابقة، قصد ربطها بمكتسباته الجديدة وحفظها في ذاكرته الطويلة .
*مبدأ التطبيق : يعني ممارسة الكفاءة بغرض التحكم فيها. بما أن الكفاءات تُعرف عند البعض على أنها القدرة على التصرف في وضعية ما ، حيث يكون التلميذ نشطا في تعلمه .
*مبدأ التكرار : أي تكليف المتعلم بنفس المهام الادماجية عدة مرات، قصد الوصول به إلى
الاكتساب المعمق للكفاءات والمحتويات .
*مبدأ الادماج : يسمح الادماج بممارسة الكفاءة عندما تُقرن بأخرى .كما يتيح للمتعلم التمييز بين مكونات الكفاءة والمحتويات، ليدرك الغرض من تعلمه .
*مبدأ الترابط : يسمح هذا المبدأ لكل من المعلم والمتعلم بالربط بين أنشطة التعليم وأنشطة التعلم وأنشطة التقويم التي ترمي كلها إلى تنمية الكفاءة .
7- الوضعية المُشْكِلة في المقاربة بالكفاءات
هي الوضعية التي يكون فيها المتعلم أمام عقبة أو تناقض، يجعله يعيد النظر في معارفه ومعلوماته. إنها مُشْكلة تدعو التلميذ إلى طرح مجموعة من التساؤلات، ويتعين عليه أن يستحضر فيها كل ما اكتسبه من مفاهيم، قواعد، قوانين نظريات، منهجيات وغيرها من الخبرات. وذلك في مختلف المواد .
الوضعية المُشْكلة إذا هي كل نشاط يتضمن معطيات أولية (موارد) وهدفا ختاميا وصعوبات (عراقيل) يجهل حلها وتوجيهها. مثلا: إذا كلفنا التلاميذ في بداية التعلم بكتابة رسالة إلى جهة ما، دون دراية مسبقة بتقنيات التحرير فإنهم يكونون أمام وضعية مشكلة .
7-1 .ماهي وضعية التعلم ؟
وضعية التعلم هي مجموعة ظروف تَقترح تحديا معرفيا للمتعلم، يوظف فيها قدراته لمعالجة الإشكال المطروح وهو بذلك يكتسب كفاءات تمكنه من بناء معرفته. وبتعبير آخر فإن الوضعية هي المحيط الذي يتحقق داخله نشاط المتعلم . والوضعية تتكون من كفاءات بمعنى (وضعية مُشْكل) أي مجموعة المعارف التي تندرج داخل سياق معين، يتم الربط بينها لانجاز عمل ما .
مثال : وضعية يطلب فيها إيجاد الحلول المناسبة لمواجهة مشكل يتعلق بالبيئة .
الوضعيات نوعان :
أ- وضعيات الحياة اليومية ، مثل وضعية فقدان المفاتيح .
ب- وضعيات مدرسية ، ترد داخل مسار تعليمي محكم التخطيط .
7-2 .خصائص الوضعية . وهي ثلاثة :
1. إدماجية : تُعبئ وتُجند مختلف مكتسبات المتعلم من معارف، حركات ووجدان .
2. ذات منتوج منتظر: وقد يكون هذا المنتوج واحدا في حالة الوضعية المغلقة، وقد يكون متنوعا في حالة الوضعية المفتوحة .
3. لاتعليمية : بل هي وضعية تعلمية تُعطى فيها حرية العمل للمتعلم .
7-3 .مكونات الوضعية :
أ/ السند : وهي عناصر مادية مقترحة على المتعلم تتكون من :
- السياق (ظروف تكون قريبة من حياة المتعلم واهتماماته).
- معلومات كاملة أو ناقصة (على شكل معطيات) .
- وظيفة تحدد الهدف من المنتوج (حيث تمكن المتعلم من التقدم في انجاز عمل معقد)
ب/ المهمة: وهي التنبؤ بالمنتوج المرتقب.
ج/ التعليمة: وهي مجموعة توصيات العمل.
7-4.أنواع الوضعيات :
وضعية تعلمية : وهي وضعية ديداكتيكية استكشافية، تهيئ للمتعلم تعلمات جديدة ( معارف، أداءات, مواقف وقيم ) بعضها مكتسب لدى التلميذ والبعض الآخر جديد عليه, تتم في الزمان والمكان بشكل فردي أو جماعي.
وضعية إدماجية : وهي وضعية تخص إدماج مكتسبات المتعلم والتأكد من كفاءته, وتستعمل أيضا في تقويم مدى تحكمه في الكفاءة المستهدفة. وفي هذه الحالة تعالج بشكل فردي .
أمثلة لوضعيات إدماجية :
1- أمام اختلال توازن نظام بيئي ما، وفي وضعية جديدة مستقاة من المحيط ، يكون التلميذ قادرا على إقتراح حلول علاجية لها.
2- انطلاقا من وضعية اشكالية جديدة في الحياة اليومية أو ظاهرة جغرافية (كسوف- فياضانات- زلزال) يكون المتعلم قادرا على ربط العلاقة بين المشكلة ومكتسباته القبلية واقتراح مسعى لحلها.
3- في نهاية السنة الرابعة من التعليم المتوسط. يكون المتعلم قادرا على التعرف على عوامل وضعية تاريخية جديدة عليه، وتحديد أهميتها على ضوء ما درسه حول تاريخ الجزائر في القرن 20 .
8.أهمية الوضعية المُشْكلة في العملية "التعليمية-التعلمية"
- تسمح للتلاميذ بالتعلم الحقيقي، لأنهم يوضعون من خلالها في قلب مسار التعلم
- تسعى إلى تجنيد مكتسبات التلاميذ المعرفية، وبذلك يصبحون فعالين أكثر .
- تنمي لديهم القدرة على التحليل، التمييز، التصنيف، المقارنة، الإستنتاج، اتخاذ القرار وإصدار الأحكام.
- تمثل أحسن وسيلة لإدماج المكتسبات .
نستخلص مما سبق، أنه يكون للوضعية معنى في المقاربة بالكفاءات عندما :
- تدفع المتعلم إلى تجنيد كل معارفه ومعلوماته وخبراته .
- تضعه أمام تحديات وتجعله يدرك ذلك .
- يدرك أنه يتقدم أثناء إنجاز عمل معقد .
- تبين له حدود معلوماته ومعارفه، وتكشف له عن أهميتها .
- تسمح له باكتشاف حدود المجالات التطبيقية للمعارف .
- تسمح له باكتشاف دور المواد الدراسية المختلفة في حل المشكلات المعقدة.
9.إدماج بيداغوجية المقاربة بالكفاءات في الممارسة التعليمية
إن إدماج بيداغوجيا المقاربة بالكفاءات تأتي ضمن أولويات إصلاح منظوماتنا التربوية الوطنية , منشأنه أن يغير دور المربين و كذلك التلاميذ الذين هم محور العملية التربوية بحيث يصبحون مجبرين على تدعيم قدراتهم بالاعتماد على أنفسهم .
فإدماج هذه البيداغوجيا ليس بالأمر الهين , بل يحتاج إلى بعض الوقت حتى تنضج و تستوعب منهجيتها ,مثلما تحتاج إلى ساعات طويلة من المثابرة و لعل الاسئلة المطروح اليوم تتمثل فيما يلي :
_ كيف لهم أن يتعاملوا مع التغيير الجاري على المستوى الوطني و الإقليمي و العالمي في الميادين السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية....الخ ؟
_ كيف يواجهون الانفجار المعرفي و المعلوماتي , و اتحاد الإعلام بوسائل الإرسال و الاتصال السمعي البصري و الإعلام و الانترنت ؟
إن هذه الأسئلة المطروحة وغيرها تؤكد للجميع أن عملية التعليم القائمة حاليا على الكم المعرفي دون الاهتمام بتطوير قدرات المتمدرسين , وتنمية مهاراتهم و ميولاتهم و استعداداتهم ,أي إبعاد التلاميذ عن محور الاهتمام ممايجعلة عالة على غيره في التعليم و التكوين هذا التوجه يكون بلا شك أفراد قاصرين على مواجهة مشاكل الحياة و لا يستطعون التكيف مع عالم الشغل و التمهين و الوظائف.
فالمخرج إذا هو إعادة الحق لتلميذ في التعلم الذاتي المستقل , و هذا ما تهدف إليه منهجية المقاربة بالكفاءات .
إن الرهانات بالنسبة للقائمين على العملية التعليمية , تتمثل في وضع تصورات و ممارسات بيداغوجية بديلة تماما لممارساتها الحالية , لان الأطراف المذكورة لهم خبرة تمنحهم قدرات تجعلهم قادرين على التجديد و أن يعلموهم كيفية التفكير و التقييم والانتقاد و الإنتاج و باختصار فان الانتقال من منطق التعليم الى منطق التعلم و التكوين بات ضروريا
أما الرهانات بالنسبة للمتمدرسين تتمثل في أن التلاميذ أصبحوا يعيشون في محيط تكنولوجي , وهو محيط متعدد الوسائط و منفتح على عالم لا نهاية لمعطياته كما أنه ينطوي كذلك على عدة مشاكل و صعوبات و مخاطر و هو محيط يفرض نفسه علينا , وعليه تصبح حاجة التلميذ الى اكتساب التفكير النقدي المكتسب من ثقافة التفكير .
إن غالبية المهن التي تنتظر الدارسين و المهنيين لها علاقة مباشرة و غير مباشرة بالتكنولوجيات الحديثة , كما أن سوق العمل صار يتطلب ميزات جديدة , من تعدد المهارات و القدرات و الكفاءات كما تجعل الفرد مطالب بأن يعيد تأهيل نفسه , كيف يعرف البحث عنها و كيف يجدها و كيف يحللها و يقومها ؟ و هذه كلها قدرات و مهارات و كفاءات من شأن المقاربة بالكفاءات تحقيقها , إذا ما أجيد توظيفها و تطبيقها في الميدان وفي حجرات التدريس و خارجها .
الخاتمة
إن من شأن المقاربة بالكفاءات ، أن تسمح بتحسين الممارسة البيداغوجية الحالية ، بحيث نتجنب التفكير بدءا بمحتويات التعلم كما تعودنا ،بل يجب أن ن ينطلق التفكير حول ضبط المهام و الكفاءات التي يتوقع تنميتها لدى المتعلم ، فالمقاربة بالكفاءات تعد بديلا لمنهجية المضامين و المحتويات والأهداف أي عنصر مجدد في الميدان البيداغوجي فهي إذن مبدأ منضم لتعليم و التعلم لأنها تنظر إلى المعلم كنموذج يقوم بتنشيط و توجيه و تدريب التلميذ على التقييم و النقد ، لما يقرأه أو ينقله أو يسجله أو يسمعه و يوجهه نحو ثقافة التفكير و الإبداع لا ثقافة الحشو و التخزين و الإيداع .